بنر التطوير

بنر الاعلان عن الاشراف

مركز السمنودي العالمي لتحفيظ القرآن الكريم والاجازة

المحاضرة الثانية بعد المائة يوم الجمعة 10 شوال 1445 الموافق 19 ابريل 2024 الكلام عن قوله تعالي ولا تنس نصيبك من الدنيا => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? المحاضرة الثالثة بعد المائة يوم الجمعة 10 شوال 1445 الموافق 19 ابريل 2024 الكلام عن قضية التوحيد بصفة عامة وتوحيد الاسماء والصفات بصفة خاصة وعن صفة العلو والقرب لله عز وجل بصفة اخص => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? خطبة الجمعة 10 شوال 1445 الموافق 19 ابريل 2024 من روز سيتي ويندسور بكندا بعنوان موعظة مودع => خطب جمعة واعياد ? المحاضرة الرابعة بعد المائة يوم الجمعة 10 شوال 1445 الموافق 19 ابريل 2024 الكلام عن النصف الثاني من كلمة التوحيد واشهد ان محمد رسول الله وحياة النبي صلي الله عليه وسلم قبل البعثة => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? المحاضرة الخامسة بعد المائة يوم السبت 11 شوال 1445 الموافق 20 ابريل 2024 مواصلة الحديث عن بعثة النبي صلي الله عليه وسلم => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? المحاضرة السادسة بعد المائة يوم الاحد 12 شوال 1445 الموافق 21 ابريل 2024 مواصلة الحديث عن بعثة ورسالة النبي صلي الله عليه وسلم => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? المحاضرة السابعة بعد المائة يوم الاحد 12 شوال 1445 الموافق 21 ابريل 2024 مواصلة الحديث عن بعثة ورسالة النبي صلي الله عليه وسلم => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? المحاضرة الثامنة بعد المائة يوم الاحد 12 شوال 1445 الموافق 21 ابريل 2024 البشارات في الكتب السابقة الدالة علي بعثة الرسول صلي الله عليه وسلم => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? المحاضرة التاسعة بعد المائة والاخيرة يوم الاثنين 13 شوال 1445 الموافق 22 ابريل 2024 مع مواصلة الحديث عن البشارات الدالة علي بعثة الرسول صلي الله عليه وسلم في ختام دورة العقيدة التي اقيمت بمركز ر => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? شروط قبول العمل الاخلاص => التوحيد حق الله علي العبيد ?

صفحة جديدة 2

القائمـــــة الرئيسيـــــــــة

ترجمة معاني القرآن بأكثر من 50 لغة عالمية
صفحة جديدة 2

اشتراك ومتابعة الدورات

صفحة جديدة 2

قاعات البث المباشر

صفحة جديدة 2

جديد لوحة الشرف للطلاب

صفحة جديدة 2 صفحة جديدة 2

خدمــــــات

صفحة جديدة 2

عدد الزوار

انت الزائر :754318
[يتصفح الموقع حالياً [
الاعضاء :0 الزوار :
تفاصيل المتواجدون
صفحة جديدة 2

احصائيات الزوار

الاحصائيات
لهذا اليوم : 25207
بالامس : 50562
لهذا الأسبوع : 75667
لهذا الشهر : 898610
لهذه السنة : 3590115
منذ البدء : 90138880
تاريخ بدء الإحصائيات : 6-5-2011

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

 

Check Google Page Rank

 

مشهدان بينهما ثلاثون سنة

المقال

مشهدان بينهما ثلاثون سنة
2581 زائر
29-10-2012
الشيخ أبي أسماء الأزهري

مشهدان بينهما ثلاثون سنة

لا أدري لماذا يأخذني الحنين إلى الماضي، إلى الزمان الذي أراه جميلاً وإن لم أعش فيه إلا قليلاً مما أسعفتني به الأيام وحفظته لي الذاكرة، أحب أن أنظر إلى المساكن القليلة القديمة التي لا تزال قائمة في بلدتي وإن صارت (خاوية على عروشها بعد أن غادرها أهلها).

أشعر دائمًا أنني غريب عن هذا المجتمع الذي أعيش فيه وعن هذا الحيِّ الذي أسكنه وعن هذا الواقع الذي أحيا فيه وأنا أحد أفراده ومكوناته! أشعر بغربة شديدة رغم أني من مواليد العصر الحديث ولم أدرك من الماضي الجميل شيئًا تقريبًاً إلا ما بلغني عن والدي رحمه الله، أو أمسكته الذاكرة من بعض أحاديث الأعمام وأبناء الأعمام.

أتمنى أن لو أمكنني ركوب آلة الزمان لأرجع القهقرى إلى حيث أصالة الأخلاق، وعراقة الأعراق وتماسك المجتمعات، وتآلف الجيران وأهل البلد الواحدة فالكل يعرف الكل، والكل يحب الكل، والكل يخدم الكل، والكل يراعي الكل، ويتأكد هذا الإحساس ويشتد هذا الشعور ويتزايد ذلك الحنين مع ما يصدمني من مشاهد العقوق ومواقف الشقاق التي تحيط بنا من كل مكان.

مشهدان بينهما ثلاثون سنة..
الأول منذ دقائق وأنا في طريقي إلى البيت:
رأيت امرأة تقف على باب بعض الناس تصرخ وترفع صوتها بغضب وانفعال ومعها ولدها الصبي وآخرون،
تبينت المشكلة أن الرجل الذي تصرخ المرأة في وجهه وترفع صوتها زعيقـًا ومعاتبةً له قد قرص أذن ولدها الصبي، فجاءت تقتص لابنها وتهين الرجل وتجرسه بين الناس حتى يكون رادعًاً ومانعًاً وزاجرًاً له ولغيره.

تكلم الرجل بأدب ورفق وحرج، والناس يسمعون وكنت واقفًا:
"تفضلي يا أختنا أهلاً بك نحن جيران وأنا لم أكن أعرف أنه ولدك"! -أنا أصوغ الحوار الذي كنت واقفاً فيه باللغة العربية قدر المستطاع وإلا فقد كان بالعامِّيَّة- قالت صارخة معترضة: "لا أدخل ولا أهدأ ولا أخفض صوتي وسأرفعه أكثر حتى تخبرني لماذا ضربته".

قال الرجل بحيرة وهدوء وهو يتمالك أعصابه حيث أنهم في الشارع والناس ينظرون ويسمعون وبدأت الجموع تتهافت لمتابعة المشهد: "حضرتك أخفضي صوتك واهدئي وسأخبرك ماذا حصل وعلى كل حال أنا لم أضربه إنما أمسكته من أذنه".

فرد الصبي المُعَلَّمُ على الفور مكذِبًا: "لا أنت شديتني من ودني جامد".
قالت الأم وقد زادت حدة صوتها وشدة كلماتها لحظات عينيها تكاد تحرق الرجل وبيته والناس جميعًا:
"وبأي حق تقرصه أو تمسك أذنه؟".

قال لها وهو بالكاد يتمالك نفسه، ويرمي بصره إلى ما وراءها حتى لا ينظر إليها:
"الذي حصل أنني كنت أشتري من المحلِّ الفلاني بعض الأشياء، فأتى ولدك الذي لا أعرفه ودخل المحل وفي يده هاتفه المحمول وصوت الغناء يخرج منه عاليًا، فقال له البائع: أغلق الموسيقى يا ولدي فـ....".

فقاطعته المرأة صارخة غاضبة: "وما شأن البائع به هل هو وليّ أمره؟!"
قال لها الرجل محاولاً استكمال كلماته: "أعطني فرصة للكلام حتى أتمه ورجاءً خفضي صوتك..".

قالت وقد زادت حدة صوتها أكثر والناس يتزايدون: "لا لن أخفض صوتي ولن أهدأ حتى أعرف، ومش عايزة أعرف لا أنت ولا البائع لكم حق في أن تقولوا لابني أغلق".

قال لها وقد نفد صبره: "أنا آسف حقك عليَّ لكن البائع قال له أغلق الهاتف فالقرآن شغال فأغلقه، فقال البائع له:
إذا قال لك الكبير شيئًاً فاسمع له ولا تقل له لا، فقال ولدك للبائع بفظاظة: أنا مقلتش لأ، فقال البائع له: بل قلت لا
فقال ولدك بنفس الفظاظة مُكذِبًاً: فين ده! فهنا أمسكت بأذنه وقلت له: عيب أن تَكْذِبْ وُتكَذِب الناس! أنا واقف وحاضر، تأدب يا ولدي، وتركت المحل وانصرفت على هذا".

فإذا بها تقول له: "ومالك وماله وهو أنت ولي أمره؟! حاجة عجيبة!".

قال لها: "وهذا ما تربينا عليه يا أختنا فنحن كلنا أبناء قرية واحدة يربي الكبير الصغير، ويعاتب الكبير من أخطأ أو ربما يعاجل بعقابه إذا كان لهذا العقاب حدود ومقتضى، وليس قرص أذن الصبي بالأمر الكبير ولا الجرم الخطير الذي يتجاوز الكذب والفظاظة من ولدك مع البائع الذي هو في سن والده، و..".

قاطعته صارخة: "أنا وعيالي كدابين وقلالات أدب ملكش دعوة وووووو.........إلخ".
قال لها وهو يدخل بيته لينهي هذه المسرحية: "حاضر حقك عليَّ، لكن يا ريت تعلمي عيالك الصدق مش الكدب...".

طبعًاً الموقف لم ينتهِ عند هذا الحد فلقد زادت فعالياته أكثر ولم ترض المرأة بهذا الكلام، ولم يعجبها أن يقول لها هذا أو غيره: ربي عيالك وعلميهم الأدب والصدق، ولكنني انصرفت وتركت المشهد.

لكن هذا الموقف أعاد إلى ذاكرتي مشهدًا كنت أحد أطرافه فعلاً منذ ثلاثين سنة تقريبًا أو أقل قليلا..ً

المشهد الثاني:
كنت في السادسة أو السابعة من عمري وقد دخلت الشارع الذي فيه منزلنا حيث اشتريت بعض الأشياء لوالدي رحمه الله، وعلى مدخل الشارع بعد العشاء كان بيت لرجل كبير مسنٍّ يغضب من أي صوت لأي طفل في الشارع، إلا إذا كان اللاعبون أبناء ولده الوحيد..!

ومع دخولي أول الشارع فوجئت بما تعودنا عليه كل ليلة تقريبًا:
أولاد صغار يلعبون ويرفعون أصواتهم والرجل في البلكونة (شرفة البيت) يصرخ فيهم بما شاء من شتائم ليكفوا عن اللعب ويبتعدوا، فرد عليه أحدهم الشتائم وانطلق يجري، فنظرت إلى الصبي الذي يجري فإذا بالرجل يقول لي: "أنت يا كارم تشتمني؟ تشتم راجل أكبر من أبيك؟ طيب أنا سأخبر أباك وأرد عليه".

أسقط في يدي ساعتها وبلُغتنا الدارجة (تَنَّحْتْ) وكدت أبل ملابسي من الخوف فأنا أعلم أني مظلوم، ولكن والدي لن يسمح أبدًاً أن يرد شكاية الرجل الكبير-عم حسني- مهما كان واثقـًاً من صدقي.

وبالتالي فيها علقة سخنة، رجعت إلى البيت ورجع والدي من الخارج وناداني بصوت جهوري: "فين كارم؟!".
علمتْ أمي طبعًا من نبرة الصوت والسؤال أنني ارتكبت كارثة وأنها ليلة سوداء عليّ.. فأخذت تكيل لي اللوم والعتاب دون أن تسمع مني ولا حتى من أبي فالأب طالما أعلن أنه مستاء من تصرفات ولده فالولد لا شك مخطئ ويستحق العقاب مهما كانت أعذاره!

جئت إليه أرتعد خوفـًاً ليس بسبب شعوري بالذنب ولكن لعلمي التامّ أنني مهما قلت ومهما حكيت فلا يمكن تأتيه شكوى مني أو من غيري من إخوتي يقدمها رجل كبير مثل -عم حسني- إلا ويفصل فيها وفورًا ويعلن العقاب على الملأ..

قال لي: "يا... تشتم عمك حسني الراجل الكبير؟!".

وطبعًاً شوية أقلام (وقد تلقيت بالطبع بعص الصفعات) على خدي اليمين وعلى الشمال، وبعدها موجة أخرى من العقاب، حيث أمسك مقشة البلح -سباطة البلح، بعد تفريغها من البلح يتم ربطها من الوسط بحبل أو شريط قماش حتى لا تتقطع من الكنس أو الضرب!- يضرب بيده على وجهي وما تيسر من جسدي وبيده الأخرى على جسمي بالمقشة وكلمات لسانه أشد من ذلك كله.

"يا.... ده اللي أنا ربيتك عليه؟ تشتم راجل أكبر من أبيك؟"، يا بابا والله ما حصل، "يعني هو بيكدب يا...؟".
والله اللي حصل أنه.. "إنت كمان هتحكي... طاخ طيخ طوخ"، وبعد ما خلصت الوصلة أو هكذا ظننتها قال لي: "أنت الآن تنزل وهو مستنيك أمام البيت، استغربت..الرجل مش قادر ينزل درجتين سلم نزل مخصوص علشان يشتكي لأبي من جرم والله لم أفعله، وما كنت لأفعله، وكيف لي أن أفعله وأنا لا أرفع عيني في كبير فضلاً عن صوتي ناهيك عن لساني هكذا تربيت؟!

وأخذ يلقنني والدي رحمه الله ورحم عم حسني ما سأقول له معتذرًاً عن جرمي الذي ارتكبه غيري
قال لي: "قل له أنا آسف يا عم حسني حقك عليّ، أنا غلطان ومعدتش هغلط في حضرتك تاني سامحني..".

وكان والدي رحمه الله يمثل لي بيده ورأسه كيف أقدم الاعتذار يعني ليس مجرد كلام أرصه رصًاً وأنصرف وخلاص، لا بل لا بد من إخراج الكلام بصدق وإحساس بالذنب ورغبة صادقة في العفو-توبة نصوح-!

ونزلت أقدم رجلاً -خوفاً من عصيان أمر أبي الذي وقف في الشرفة يراقبني ليتأكد من تنفيذي أمره وليعلم الرجل المشتكي -عم حسني- أنه لا يقبل الخطأ ولا الإساءة ولا العيب من أبنائه وأن شكواه أو شكوى غيره هي محل اعتبار وتحقيق وأن النتيجة محسومة دون شك- وأؤخر أخرى رفضًاً لقبول الاعتذار عن ذنبٍ ليس من صنعي!

ووجدت الرجل قد جلس أمام بيته وبجواره امرأته كما كانت أمي بجوار أبي في البيت، وسلمت عليه بصوت خفيض مرتعش وقلت له ما لقننيه أبي وأنا أعد الثواني واللحظات حتى أنتهي من هذا البلاء القاتل لأرجع إلى بيتي وأبث وسادتي أحزاني.

وحسبت الرجل سيقول لي شيئًا يطيب خاطري به، أو لعله يكون قد تذكر أن الذي شتمه ليس هو هذا الطفل البائس الذي لم يسمع منه ولا عنه شيئًا من قبل، إلا أن المفاجأة أنه قال لي: "طيب يا كارم أنا هسامحك بس علشان خاطر أبوك الراجل الطيب لكن عيب عليك لما تشتم واحد كبير أكبر من أبوك.......إلخ".

طبعاً أنا بصراحة وبجد بجد هذه المرة كنت بيني وبين نفسي بجد بجد أشتمه وأسبه وألعن أبو خاشه..
المهم انصرفت وقد أديت ما كُلِّفت به من اعتذار ونحوه وعلى نحو ما علمني ولقنني أبي، وبنفس الأداء وحركات اليد والرأس، ومع التفاتتي لأرجع إلى بيتي في نفس الشارع نظرت فرأيت أبي وأمي في البلكونة، يتابعان ما يحدث، قلت في نفسي: سأترك أبي يهدأ الليلة وأجلس معه غدًاً وأحكي له ما كان.

ولكنني عدلت عن الفكرة بمجرد أن رأيت أبي حيث استقبلني بالمقشة ذاتها ليلومني مجددًاً ويضربني من جديد قائلاً: "كلمة آسف أشد من ضرب الكرباج". يعني بذلك: لا تفعل ما يلزمك الاعتذار.
..........

هذان هما المشهدان:
الأول ذكرني بالثاني وبمشاهد أخرى كثيرة شبيهة
ملحوظة مهمة: المرأة المذكورة في المشهد الأول هي ابنة أخو الرجل المشتكي في المشهد الثاني (عم حسني) رحم الله الجميع.

المشهدان يحملان في طياتهما الكثير من الدلالات التي يجب التوقف عندها والتأمل فيها؛ فلقد نشأنا في مجتمعاتنا على عادات وأخلاق وتقاليد وأصول، تعارفنا عليها وتربينا عليها بعضها يتوافق مع الإسلام عقيدة وشريعة وسلوكًا وأخلاقًا مثال ذلك: احترام الكبير وتقديره والحفاظ على هيبته وكرامته ما دام أهلاً لذلك، ومراعاة جنابه ومقامه بين الناس وخصوصًاً الأبناء الصغار، منها كذلك روح الأخوة والشراكة في تربية النشء وأن الأخ الأكبر والعمَّ والخال، بل والجار له كلمته المسموعة على الصغير، بل وله حق المعاتبة في حدود المسموح وربما المعاقبة في حدود المقعول وبما يقتضيه الحال والموقف؛ إذ لم نكن نجرؤ على رفع الصوت على الكبير ولا حتى نستطيع أن نحد النظر إليه ناهيك عن سوء الرد وفظاظة اللفظ مهما كان ومهما فعل.

أذكر أنني وزملائي كنا ونحن بعدُ في المدرسة الابتدائية إذا لاح طيف أو خيال أحد المدرسين ولو لم يكن أستاذًاً لنا في فصلنا وإنما يكفي أن يكون معروفًا لدينا أنه في مدرستنا فقط، كان إذا لاح طيفه أو بان خياله في الطريق نختبئ ونتوارى عن عينه حتى لا يرانا في الطريق، لا لجرم ولا لذنب ارتكبناه ولكنا تعلمنا هذا وتربينا عليه وأن هذا الأستاذ له حرمته وله قيمته وله احترامه وهيبته.

كنا ونحن صغار إذا اشتكى الكبير -الأخ أو العم أو ابن العم أو الجار المحترم- من سوء خلق أو بادرة غلط أو نحوها سواء أكانت الإساءة متوجهة إلى المشتكي أو علم بها أو رأى أحدنا يسئ على أحد الناس، أو بلغه ذلك عن أحدنا يقول له الوالد مباشرة ودون مراجعة ولا استيثاق ولا إرجاء: "اقطع رقبته ولا تسألني ولن أسألك لماذا فعلت".

كنا إذا اشتكى المدرس للوالد من سوء مستوانا في المادة التي يدرسها قال له الوالد: "كسر وأنا أجبس، مَوِّت وأنا أدفنْ.. ده ابنك ودي بنتك دول عيالك ربيهم يا أستاذ".

وفي ذات الوقت كان الكبير لا يبادر باستعمال واستغلال هذه السلطة على إطلاقها ظلمًاً وعدوانًاً؛ بل كان يرفق ويلاعب ويداعب ويضاحك، وكنا نحب الكبير نجري عليه، إذا أقبل يزورنا، إذا دعانا الوالد للسلام عليه وقبول هديته، ولا نفعل ذلك ابتداءً من تلقاء أنفسنا بل لا بد من دعوة الوالد وأمره لنا أن نـُقبل ونُقبل ونجلس ونتكلم.
كنا نقدر الكبير والمدرس والشيخ في الكتاب ونوقره، ونخاف منه ونحترمه ونحن نعلم أنه لا يجور علينا ولا يأمرنا إلا بما فيه صالحنا.

أذكر أننا كنا نرى أبناء العمومة الذين هم أكبر منا إذا كان أحدهم يدخن السيجارة لا يجرؤ على التدخين أمام أبيه ولا أمام عمه، ولا أمام صديق أبيه ولا جاره من سن أبيه ولا أي كبير من كبراء العائلة أو القرية، ولو حدث أن فاجأه الكبير بقدومه والسيجارة في يده كان يلقيها ولو في جيبه أو عِبِّهِ حتى ولو أحرقت صدره وملابسه لكنه لا يمكن يدخن أمامه.

أما الآن فقد تبدل الحال وتغيرالأمر، واختلفت العادات، واختلت الموازين، وانقلبت المفاهيم، إلا ما رحم ومن رحم الله.

وتمت الآن 5.10م السبت 27- ذو القعدة 1433هـ، 13-10-2012م.


ابن الأزهر ومحبه
الشيخ أبو أسماء الأزهري
كارم السيد حامد السروي
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية

   طباعة 
0 صوت
الوصلات الاضافية
عنوان الوصلة استماع او مشاهدة تحميل

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة تعليق »

إضافة تعليق
اسمك

/99999999999999999999999999999999999999999999000000
تعليقك
8 + 1 =
أدخل الناتج

روابط ذات صلة

المقال السابق
المقالات المتشابهة المقال التالي

جديد المقالات

الصفات المميزة لأهل السُنة والجماعة - فضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب حفظه الله
تميزوا! - فضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب حفظه الله
الدرس الحادي عشر - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس العاشر - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس التاسع - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس الثامن - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس السابع - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس السادس - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس الخامس - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس الرابع - مقدمة في علم تحرير القراءات

إغلاق