حِجَابُكِ عِفَّة ٌ، شَرَفٌ، فَتِيهي *** بهِ فخراً ودوماً فَالْبَسِيهِ
فَقَد رَضِيَ الإلهُ لكِ الحِجابا ***فمَنْ رضِيَتهُ رَباً ترتضِيهِ
نِقَابٌ، أو خِمَارٌ، ذا، وذاكِ *** لهُ أصلٌ مِنَ الدين، اعلمِيهِ
بهِ الآياتُ جاءت بيِّنَاتٍ *** وأخبارٌ صِحاحٌ تَقْتَضِيهِ
وفهمُ صَحَابَةٍ رضِيَ الإلَهُ *** بِصُحْبَتِهمْ لِخَاتَم مُرْسَلِيهِ
وإجماعٌ على شَرع النِّقَاب *** فَمِنْ أيْنَ الدليلُ لِمَانِعِيهِ؟
ولْيسَ عَلَيْكِ مِنْ عُتْبٍ أُخَيَّة ْ *** وَإيَّاكِ التَّبَرُّجَ، فَاهْجُريْهِ
أخَيَّة لا يَرُعْكِ صُرَاخُ قَوْمٌ *** عَلَى زيِّ العَفَافِ لِتَخْلَعِيْهِ
ألا تَعْسًا لَكُمْ بُؤتُمْ بِشَرٍّ *** وَضَلّ بسَعْيِكُمْ مَنْ يَقْتَفِيْهِ
فَلا لَبَّيْكَ فَيْمَا تَزْعُمُونَا *** ودَرْبَكُمُ أبَيْنَا السَّيْرَ فِيْهِ
ومَهْمَا تَمْكُرُونَ فَلا يَحِيْقُ *** بنَا مَكْرٌ، وَحَاقَ بمَاكِريهِ
وأمَّا الدينُ فَالإسْلامُ بَاق ٍ *** ومَحْفُوظ ٌبرَغْم مُعَانِدِيهِ
أنَتْرُكُ دِيْنَ رَبِّ الْعَالَمِينَا *** وهَدْيَ المُصْطفَى لمُخَالِفِيهِ
تَرَوْنَ العُهْرَ لا تُبْدُونَ شَجْباً *** وإنْ عَفَّتْ تَقُولُونَ اخْلَعِيْهِ!
وتُطْرَدُ مَنْ أبَتْ إلا العَفَافا *** مِنَ السُّكْنَى لِئَلا تَرتَدِيهِ!
أتِلكَ هِي العَدَالَة ُ؟ نَبئُونِي *** تُؤَاخَذ ُ دُونَ ذَنْب ٍ تَفْتريهِ؟
أأصْبَحَتْ التَّقِيَّة ذاتَ جُرْم ٍ *** هُوَ التَّقْوى لِكَيْلا تَتَّقِيهِ!
تُلامُ لأنَّهَا اخَتَارَتْ رضَاهُ *** وتُطْرَدُ كَالمُسِيْئَةِ والسَّفِيهِ!
ألسْتُمْ تَصْرُخُونَ بِكُلِّ واد ٍ *** بأنَّ الدِّيْنَ لا إكْرَاهَ فِيهِ
ألسْتُمْ تَسْمَحُونَ بكُلِّ فِكْر ٍ *** بِلا حَجْر عَلى مَنْ يَدَّعِيهِ!
تُكَرَّمُ هَذِهِ وتُهَانُ تِلكَا! *** عَجِبْتُ لعَصْرنَا ومُعَاصِريْهِ!
أيُسْمَحُ للتِي تُبْدِي المَفَاتِنا *** لِمَنْ يَهْوَى الخَنَا أوْ يَبْتَغِيْهِ!
وتَبْذلُ جِسْمَهَا سَهْلاً رَخِيْصاً *** لِكُلِّ مُؤَمِّل ٍ مَا يَشْتَهِيهِ!
ومَنْ صَانَتْ عَن الفَحْشَاءِ عِرْضًا *** وأخْفَتْ وجْهَهَا قِيْلَ اكْشِفِيهِ!
ألا، سُبْحَانَ رَبي بالغُدوِّ *** وبالآصَال جَلَّ عَن الشَّبِيْهِ
وعَنْ ولَدٍ وصَاحِبَةٍ ونِدٍ *** وعَنْ عَبَثٍ ونَقْص يَعْتَريْهِ
حَكِيْمٌ أمْرُهُ والحقٌ قولُهْ *** هُوَ الرَّبُّ العَليُّ، فَوَحِّدِيهِ
أليْسَ مَن الحَريّ بكُلِّ حُرٍّ *** مُؤازرة النَّقِيَّةِ والنَّزيْهِ!
فإنْ أعْجَبْ فلسْتُ بذا المَلُوم ِ *** فعَجَبٌ قَولكُمْ لا تسْتُريهِ!
فلا والله، لا نَرْضَى بَدِيلاً *** وَ لَسْنَا لِلقُرَان بهَاجِريهِ
فَلِلإسْلام عِزٌّ لا يَزولُ *** وفِيهِ الخَيْرُ، كُلُّ الخَير فِيهِ
وبالقُرْآن نَرقَى فِي الجِنَان ِ *** ويَظْهَرُ ربنا لمُوَحِدِيهِ
فيَا يَرْحَمْكُمُ اللهُ ارحَمُونا *** ويا أخْتَ الهُدَى لا تَتْرُكِيهِ
فلا تُلْقِي لَهُمْ بَالاً وسِيْري *** إلى رضْوْان ربِّكِ وارتَجِيهِ
(من قصيدة : فتح العزيز الوهاب بنظم أدلة مشروعية النقاب).
أختاه دومي بالنقاب تدينا *** لا ترجعي أبداً ولا تتنازلي
بيعي الحياة وكل شئ واثبتي *** وتعوذي بالله أن تتحولي!!
(من قصيدة: بؤ يا ابن جمعة باثمها وتحمل).
فإن كنت فعلاً وحقًا مستضعفة، مرغمة غير مستطيعة ولا مختارة ولا قادرة، فإنني أرجو لك ولنا العفو والمغفرة والسماح والصفح: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا. فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 99].
لقد صارت قضيتنا هي الدين وقد كانت ولن تزال تلك هي قضيتنا، قضية الصراع الأبدي بين الحق وأهله والباطل وأذنابه.
وكأني وأنا أتبع ذلك المشهد الرهيب الذي يصفعني على قافيتي ووجهي ضاحكًا ساخرًا متهكمًا وهو يقول: ها نحن قد جردنا أختك من عفافها، وسلبناها رمز طهرها، وقهرناها، وروعناها، وهي تصرخ بأعلى صوتها وتقول: واااااااااا محمدااااااااااااه!!،
ولا أحد يجيب إلا بضحكات الثمالى وتأففات المخذولين.
لكأني والحالة تلك أتذكر قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما وأبو داود وابن ماجه في السنن وصحح روايتهما الألباني، من حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- في الفتن قال:
"كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ». قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ». قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ: «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا». قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ». قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ»".
يالله! أرأيت أيها الأخ الحبيب الأريب؟ أرأيت كيف وصل الحال بأقوام حبسوا أنفسهم عن طاعة الملك سبحانه رغم أنهم من الدعاة والعلماء؟
أرأيت كيف صار علمهم عليهم وبالاً، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أصبحوا دعاة على أبواب جهنم يدعون الناس إليها: أن هلموا هلموا فادخلوا النار معنا ولا تكونوا مع القوم الصالحين المفلحين المنجحين الناجين؟ ويحهم من قوم! يالشؤم حالهم ويالتعس مآلهم ما لم يتداركهم الله برحمة منه وفضل!
إنها مأساة وبلية، وإنها لأشد مصيبة وأعقد قضية.
أراك يا أخت التقى والعفاف يقيد معصميك علج أقلف غير مختون، أصرخ من أمام شاشتي أقول له: ضع يدك عنها شلت يمينك أيها الخنزير، أمد يديَّ فترتطم بالجهاز وترتد في عنف المصيبة وألم الحسرة فتخترق صدري وتعتصر قلبي ولا أملك حيال أختي إلا أن أستدر دموعي فتجري على خدي تحرق وجنتي وتبل لحيتي وتغرق ثيابي.
أواه يا أختاه ماذا أنا فاعل لك وقد انفرد بك الكلاب يكيلون لك العذاب وأنت لا حول لك ولا قوة؟
من يا ترى يبوء بإثمها ويتحمل وزرها ويسأل عن ذنبها؟
وإذا جاءت يوم القيامة وأوقفت يوم العرض وسئلت: بأيِّ ذنبٍ منعت عن نقابك وحرمت من حجابك وحوربت في طهرك وعفافك وعوديت لأجل عقيدتك ودينك؟
فمن يا ترى يبوء بإثمها ويتحمل ذنبها؟
من ذا الذي تجرأ على معاداة الفضيلة ومحاربة الأخلاق الرفيعة؟
من ذا الذي لم ينطق يومًا بفتوى ترضي الله -عز وجل- في شأن المتبرجات، ولم يتبرم وجهه في ذم العري والسفور؟
فاللهم لا تفتنا ولا تفتن بنا أحدًا من عبادك وإمائك اللهم آمين!
عصر السبت الثالث عشر من رمضان المعظم 1432هـ، الثالث عشر من أغسطس 2011م.
ابن الأزهر ومحبه:
الشيخ: أبو أسماء الأزهريّ
كارم السيد حامد السرويّ
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية