الحمد لله رب العالمين ، له الحمد الحسن والثتاء الجميل ، وأشهد الا
إله الا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمد عبده ورسول صلى الله عليه و سلم .
هنالك أيضا فرية أخري وقد نبهت عليها فى مقدمة كتاب لى مطبوع هو:
كتاب الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج " لجلال الدين السيوطي رحمه
الله .
وهذه الفرية رغم الكلام الواضح فيها الا أن هناك من ينشرها و لا أدري
لمصلحة من ؟
هذا المتكلم أيريد أن يكون هو الوحيد المتكلم ؟ و كل الناس لا يفهمون
؟ و كل الناس لا يعقلون ؟ هذا لا يسر أحدا . إذا كان العالم فى بلد فريدا وحيدا
حق له أن يبكي بكاء الثكلى . لأن تفرده محنة و مصيبة . سفيان بن عيينه
رحمه الله فى بعض مجالسه قال : " أفيكم أحد من أهل الشام ؟ فقالوا نعم ،
قال : ما فعل الوليد بن مسلم ؟ قالوا : مات . قال : أفيكم أحد من أهل البصرة ؟
قالوا نعم ، قال ما فعل فلان ... مات ، أفيكم أحد من أهل الكوفة ؟ قالوا : نعم ،
قال مافعل فلان ... قالوا مات ، أفيكم أحد من نيسابور ؟ قالوا نعم ، ما فعل
؟ فلان قالوا مات . فحين إذن بكي سفيان و قال :
خلت الديار فسدت غير مسود
و من الشقاء تفرد بالسؤدد
من الشقاء أن يبقى هو الوحيد يتفرد بهذا السؤدد . يسعد أى طالب علم
أن يري الدنيا كلها طلاب علم . لكن عندما يخطأ فلان على فرض أنه أخطأ . فيرمونه
بسهام الملام و يسعون إلى مواراته تماما بين أطباق الثري . هذا يسر من ؟ إذا لم
يكن لهذه الأمة رؤوس صاروا غلمانا بلا رؤوس .
القصة تتعلق بمقطع من كتاب للإمام " عبد العزيز بن يحيى الكنانى
" وهى قضية علمية ستستفيدون منها ان شاء الله .
عبد العزيز الكنانى له كتاب إسمه " الحيدة " إذا صح
هذا الكتاب عنه . و الحيدة هذه عبارة عن مناظرة جرت بينه و بين ابن أبى داود
الذى كان يتبنى مذهب " الجهمية " بقوة الدولة آن ذاك . وحدثت بعض
المناقشات ومن ضمن هذه المناقشات قال المأمون يا عبد العزيز : أتقول إن الله
سميع بلا سمع بصير بلا بصر ؟
فقال : يا أمير المؤمنين لا أقول إلا ما فى التنزيل . ( القرأن )
.ليس فيه له بصر و له سمع إنما سميع بصير .
فجاءني و أنا فى جدة طالب يقول لى : ما تقول فى قول عبد العزيز
الكنانى : أتقول إن الله سميع بلا سمع بصير بلا بصر ؟
فقلت : كلام عبد العزيز له وجه ( يمكن أن يوجه ) . ثم انقطع
الكلام والتقيت ببعض إخوانى وسلمت عليهم و تصافحنا ونسيت الموضوع . لأن هو كما
ننهى الدروس يأتى طلاب العلم يسألون . فأخذ صاحبنا الذى لا يحسن الفهم هذه
المقالة وذهب لشانئ كاره وقال له : نعم إنه يقول كلام عبد العزيز صحيح . يعنى
سميع بلا سمع ، بصير بلا بصر .
خرج صاحبنا و أتى بكتب و على ما خرجت من المسجد كانت مرت ربع ساعة
تقريبا . واذا بى رجل معه جزء من فتاوى بن تيمية وقال لصاحبى الذى يصتحبنى
انا اريد ان أقرأ لفلان كلام لشيخ الإسلام . و كان طلاب العلم اذ ذاك سألونى أن
أقرأ عليهم كتابا فى الحديث ، فلما قال لى صاحبى ومرافقى ان فلانا يريد أن يقرأ
عليك ، ظننت أنه يرد أن يقرأ على كتاب حديث ، فقلت له إنى متعب ولا داع
فالنجعلها مرة أخرى ، و انصرفنا .
هذا الرجل الذى أراد أن يقرأ علي ، بالهاتف بلغ الدنيا كلها ، وسمانى
لهم : إن فلانا يقول : إن الله سميع بلا سمع بصير بلا بصر . و سألوا شيخنا
الألبانى وقتها ولم يفصحوا عن إسمى و ليتهم أفصحوا ، قالوا : يا شيخنا ماذا تقول
فيمن يقول : إن الله سميع بلا سمع بصير بلا بصر . قال : هذا جهمى قبيح .
و أنا والله أقول : هو جهمى قبيح جدا من يقول هذا الكلام .
وشاعت المقالة وانا ليس عندى علم ، كما كان حال عائشة رضى الله
عنها خاض الناس شهرا فى حديث الإفك وهى لا تعلم شيئا . فقال لى صاحبى فى السيارة
: وددت لو قرأ عليك حتى تزول الشبهة من عنده .
قلت : و أية شبهه ؟ قال : إنه يقول : إنك تقول كذا وكذا ..
فأسقط فى يدي وقلت : إرجع بنا إلى المسجد .
رجعنا فما وجدناه . ذهبنا إلى بيته قالوا : ما أتى بعد . بدأنا
نتابعه بالهاتف . قلت له : يا أبا محمد (صاحبى) أنقل عنى أننى أقول : إن الله
سميع بسمع ، بصير ببصر . لأن الصفة لابد أن يكون لها محل . هذا كلام غير مفهوم .
هذا هو عين التعطيل أن أقول : سميع بلا سمع بصير بلا بصر ، قدير بلا قدرة ، عليم
بلا علم !
هذا هو عين التعطيل ، هذا يساوى أنه ليس بسميع ولا بصير و لا قدير
ولا خبير .... هذا معنى الكلام وهذا هو قول الجهمية فعلا .
لكنى قصدت أن قول عبد العزيز الكنانى له وجه فى التأويل . ذلك أن عبد
العزيز الكنانى كان يجادل رجلا ، إذا أتى له بحديث قال : لا هذا حديث آحاد ، لا
الرواة ممكن أن يخطئوا ، أتني من القرآن بدليل ؟
فأراد عبد العزيز أن يثبت مقالته بالقرآن صرفاً ، فلم يقل له أن عندى
حديثا يقول كذا و كذا حتى لا يعترض عليه هذا المعترض ، فلجأ إلى طريقة
أخرى فى إقامة الحجة .
هذا الذى أردت أن أقوله ، ليس دفاعا عن عبد العزيز ولكن ينبغى حمل
عقائد الناس من الكلام المجمل على الكلام المبين . كتاب الحيدة كله كتاب سلفى
ينزه الله عز وجل و ليته صح أو أتمنى من كل قلبن أن يكون صحيحا إلى عبد العزيز
الكتاني ، لأنه فيه مناظرة رائعة أقام فيها الحجه على هذا الجهمى العنيد .
فعبد العزيز الكنانى فى باب المناظرات وغيره قد يقول القول على أصول
الخصم ولا يقول القول الذي يعتقده هو حتى يقطع هذا الخصم على أصله هو ، و لذلك
لا ينبغى أن تؤخذ عقائد الناس من المناظرات ، لأن الناظرة ممكن أتنزل مع خصمى
على أصله هو الذي لا أقره أنا حتى أبين له قى كلامه وبأصوله أنه مخطأ ،
فإذا لم تتفطن لذلك نسبت إلىّ ما لم أقوله ، إنما قلته لأقطع ذلك الخصم .
فهذه فرى قلتها قبل ذلك وأجبت عنها وأقولها الآن وأجيب عنها إعذارا
منى الى الله تبارك وتعالى و رحمة بهؤلاء المتكلمين ان يلقوا الله عز وجل
بالمظالم التى قال فى مثلها رسول الله r :
" أتدرون من المفلس ؟ قالوا المفلس من لا متاع له ولا دينار و لا درهم .
قال المفلس من جاء بصلاة و صدقة وحج و أتى وقد شتم هذا وضرب هذا وسفك دم
هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإذا فنيت أخذ من سيئاتهم ثم طرحت عليه
ثم طرح فى النار " . أعوذ بالله وأعيذ سائر أخواني فى الله تبارك وتعالى من
حالة تقرب من مساخطه
|