خير ميراث المرء!

 







 

خير ميراث المرء!

ليس هناك تفسير إلا أنها إرادة الله الحكيم العليم الخبير
مكثت في مسجد المصطفى " يبعد عن بيتي مسافة 20 دقيقة مشيا حثيثاً" أول ما استلمت العمل في الأوقاف وهو مسجد كبير بالمقارنة للمساجد المحيطة به في مربعه ظللت فيه نحواً من ثلاث سنوات ونصف تقريباً ألقي فيه كل يوم درساً بين المغرب والعشاء وأتابع بين الأذان والإقامة وبعد العشاء أحياناً ولا أجد من يحضر إلا قليلاً ولا يهتم بالدروس ليسجلها أحد فأكتفي بهاتفي المحمول أسجل عليه وأحياناً إم بي ثري وأحياناً إم بي فور وطبعاً الجودة رديئة، وما ذلك إلا لحفظ ما أتركه لأولادي من بعدي لعل الله يرزقني الأجر ولعل البعض يسمع درساً أو خطبة فتكون محور تغير وتحول في حياته،

ثم انتقلت إلى مسجد" الضرائب" قريباً من المصطفى وذلك بعد الثورة فمكثت فيه شهراً وبضعة أيام، ثم انتقلت إلى المشاري " أسكن خلفه تماماً" وهو أكبر مساجد المنطقة من حيث المساحة والوضع الجغرافي والشهرة والعمل الاجتماعي والدعوي وتابع حقيقة للجمعية الشرعية وللأوقاف صورة وشكلاً فقط، فمكثت فيه عشرة أشهر تقر يباً ألقي فيه كل يوم بعد العصر درساً على ذات النحو وبذات الأسلوب إلا أن بعض الشباب حضر لي مرتين أو ثلاثاً فسجل بكاميرا ولا أجد الدروس على جهازي، وكنت في ذات التوقيت أتنقل بين المساجد ألقي دروساً في الفقه والسيرة والعقيدة ونحوها ولا يبقى إلا ما قلت من وسائل التسجيل،

حتى انتقلت إلى مسجد هبة الرحمن " بيني وبينه مواصالة 30 دقيقة" حيث الشيخ عادل عزازي وكان تصوري عن المسجد خلاف ما وجدت إلا قليلاً ومكثت ألقي الدروس يومياً بعد العشاء وأخطب كل جمعة وقام البعض فنادى في الناس أن هلموا لنشتري كاميرا لتسجيل كافة الخطب والدروس فلم يستجب أحد حتى إن الشيخ عادل نفسه تكلم في درس السبت الذي كان يلقيه في شرح مسلم ونبه وحث وحرض فلم يستجب أحد وكنت أستأجر بعض الإخوة ليسجل الخطبة كل جمعة وكان هذا أمراً مرهقاً بالنسبة لي مادياً خاصة وأنني لا أتقاضى من أي مسجد اعمل فيه أي مال ولا اقبل ذلك لأحفظ هيبة الدعوة وكرامة الإمام واستقلالية الكلمة.

ثم انتقلت إلى المسجد الشرقي بين أهلي وعشيرتي " وهو مسجد صغير المساحة قليل الجمهور متواضع الحال ليس فيه أي نشاط اللهم إلا أخت تأتي للبنات والنساء تحفظهم القرآن "

حيث لا يزيد عدد الحضور في الدرس عن عشرة ومع هذا ألتزم بدرس كل يوم وشاء الله رب العالمين أن يفتح لي بمجرد الانتقال إلى هذا المسجد فأهداني بعض الاخوة كاميرا كان يسجل بها لشيخه المعروف دروسه على مدار أعوام لا أذكر عددها الآن.

وذلك كحل مؤقت لحين يأتيني رزق الله الوفير لشراء كاميرا مناسبة

وبدا ابن اخي يواظب معي على الدرس كل ليلة ويسجل الدرس بنفسه بينما بيحضر الدرس أقل من عشرة أشخاص لكنني أستمر ولا ألتزم بتوقيت الوزارة ولا بالجدول الإداري لأنني لا أنظر إلى الدعوة على أنها وظيفة بل هي رسالة،

ولا أجد لي من عذر في التقاعس والقعود عن الدعوة وقد وهبني الله آلة التسجيل والمادة العلمية والوقت للمذاكرة والتحضير ووسيلة النشر والقائم عليه.

ثم إنني لا أدري أيبقى الباب مفتوحاً للدعوة أم يغلق عما قليل؟

ثم إن هذا هو خير مال ما أتركه من إرث لذريتي من بعدي.

فلتنتفعوا بما تجدونه من دعوة ولتنفعوا بها غيركم ولتذكروني بدعواتكم الصالحة بظهر الغيب.

***
ابن الأزهر ومحبه
الشيخ أبو أسماء الأزهري
كارم السيد حامد السروي
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية

 

: 14-03-2013
طباعة