مليونية الضربة القاصمة للعلمانية والحزبية



الآن 8.45 ص السبت 10-11-2012م

مليونية الضربة القاصمة للعلمانية والحزبية

أثبتت مليونية الأمس أن الشعب لم يعد قاصراً ولا صغيراً ولا عاجزاً عن تحديد هدفه واختيار طريقه
وأن على القادة أن يراقبوا رغبات شعوبهم وعلى الساسة أن يراعوا مشاعر أتباعهم وعلى العلماء والشيوخ ألا ينخدعوا في شهرتهم الواسعة وكثرة مريديهم وأن يحسبوا أنهم مسموعة كلمتهم على إطلاقها ومطاعة أوامرهم بلا مناقشة ولا محاسبة ولا تدبر ولا تفكير
وأن الشعب والأتباع والمريدين لن يقف مكتوف الأيدي ولن يمسي معصوب العينين ولا مخرس اللسان في انتظار من يأتي ليرفع الراية ويحمل اللواء؛ بل سيتجه الشعب بنفسه إلا انتخاب من يقوده ويسير به تجاه الطريق الصحيح من بين أبنائه بلا موازنات سياسية ولا مواءمات حزبية ولا توجهات فقهية بنيت على اجتهادات شخصية أو رؤى فردية معزولة عن نبض الشارع وحس الجماهير ورغبة الأتباع
فالخاسر في النهاية هو القائد والشيخ والسياسي والرائد وليس الشعب أو الأتباع
كما أثبتت للرموز الدينية والسياسية التي كانت ولا تزال تعيش في وهم القيادة والريادة المطلقة أنها لم تكن لتصل إلى الريادة ولا القيادة إلا بثباتها على مواقفها الصائبة شرعاً وأن عموم الشعب لا سيما التيار الإسلامي ليس كما كانوا يظنونه مغيباً يتبع الشيخ أو الرمز دون فهم ولا وعي بل أصبحت للشباب والأطفال والنساء والرجال حاسة سياسية ورؤية واقعية لا تقف عند حد الشيخ ولا تتوقف على رأيه ولا تنتظر كلمته أو قراره طويلاً 

كما أن غياب الرموز الدينية والأحزاب السياسية عن المليونية أمس كان بمثابة شهادة وفاة أو على الأقل قرار تنحي عن المشهد لا يقل خطورة ولا أهمية ولا أثراً عن قرار تنحي المخلوع نفسه

وأخشى أن بعض هؤلاء قد أصابهم من الكبر والصلف ما أصاب المخلوع ونظامه غير أن المخلوع لم يقدر له أن يرى آية أو حدثاً ينير له الطريق ويعتبر به ليحذر الكبر والصلف بينما الأحزاب السياسية والرموز الدينية شاهدت وعاينت ومارست لكن أغلبهم لم يعتبر ولم يتعظ 
مع كامل التقدير والاحترام والتوقير على المستوى الشرعي والمجال العلمي الفقهي والاحتراف السياسي إلا أن هذه حقائق لا بد من ذكرها

كما أسهم تخلف وغياب الكثير من الرموز الدينية والأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية في إبراز وإخراج العديد من الوجوه الجديدة التي أثبتت قدرتها على الحشد الجماهيري والأداء المؤثر والتفاعل مع الشارع على المستوى السياسي والديني والثوري
كنت أقف فوق منصة طلاب الشريعة من بعد صلاة الجمعة وحتى قرب العشاء ولولا تعبي الشديد لاستمر وقوفي واستمرت مشاركتي والحمد لله على كل حال.
كنت أراقب المشهد وأتابع الموقف عن كثب وأعترف أنني كنت أخشى بيني وبين نفسي من فشلها بسبب البيانات التي أصدرتها الأحزاب السياسية الحرية والعدالة والنور رافضة المشاركة بل وبعض الرموز الدينية المعتبرة بعد أن أعلنت عن مشاركتها إذا بها تترابجع بدون تحديد وتفسير وتوضيح السبب ؛ لكنني أحمد لهم هذا التصرف لنه أسهم في إفساح المجال وتركه واسعاً للوجوه الجديدة الصاعدة الواعدة 
ومهما قيل من بعد من تبريرات وتفسيرات كما قرأت على لسان بعض قيادات الحرية والعدالة والإخوان فلست أقبله على المستوى الشخصي ولا أعترف بتفسير أو تبرير لا اراه إلا من باب تجميل الصورة وحفظ البقية الباقية من ماء الوجه وأبعد من ذلك أن يكون مشاركة عليلة في جني الثمرات وكأن قرارهم بعدم المشاركة كان أحد عوامل النجاح ..!!

إن مليونية الأمس كانت مليونية بالمعنى الدقيق والكامل والحرفي للكلمة بخلاف ما اثارته وسائل الإعلام غير المنصفة وغير الحيادية حيث أعلنوا أن المتظاهرين بضعة مئات..!
لقد أتبتت المليونية لتؤكد على حقيقة لاحبة واضحة ظاهرة للعيان مفادها أن الشعب يريد تطبيق شرع الله بمعناه الحرفي الدقيق بلا مواربة ولا مجادلة ولا مساومة
فشكراً للتيارات السياسية الإسلامية حزب النور وحزب الحرية والعدالة
وشكراًً للرموز الدينية التي أحجمت عن المشاركة لمجرد وجهة نظر شخصية
وأما الإعلام العميل الضال المضل فلقد كانت مليونية الأمس عاملاً مؤثراً بقوة وشدة على نفسيته واتجاهه ولو أنه أنصف من نفسه وصدق في كلامه لأسلم هذا الإعلان للحق واعترف بالحقيقة وأذعن للواقع.
فالواقع أن نبض الشارع بكافة طوائفه هو 
الشعب يريد تطبيق شرع الله.
ابن الأزهر ومحبه
الشيخ أبو أسماء الأزهري
كارم السيد حامد السروي
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية


: 20-11-2012
طباعة