وَظُلْمُ الأحِبَّةِ جَهْلٌ وَغَيّْ




وَظُلْمُ الأحِبَّةِ جَهْلٌ وَغَيّْ


طلبني رجل تجاوز الستين من عمره لأكون بينه وبين امرأته ــ التي تصغره بثلاثين عاماً ــ حَكَماً وواعظاً ومصلحاً ؛ إذ إنه قد ألقى عليها يمين الطلاق جزماً ..


ولما جلست إليهما وسمعت منها ما لديها مما تأخذه على زوجها منذ سنوات ثمانية هي عمر زواجهما أوجعت قلبي لاسيما وكام مما قلات في مواجهته لما سالتها إن كانت تعرف ذلك الخلق عنه من قبل الزواج ؟ : لقد خدعتني لحيته .." والحق أني أعرف عنه معلومات تؤكد ما قالته وتدعم ما تشكت منه ، ولكنني تعجبت من امرأة تتزوج رجلاً وقد سبق لها الزواج وتأذت من تجربتها كيف تغفل ويغفل أولياؤها عن البحث والتحري والتثبت والتدقيق في زواج جديد ؟؟

ولقد كنت ارقبه طيلة الجلسة واراه وهو يتلون ويقاطع ويجادل ويماري ولا يرفع عينه من الأرض " لف ودوران " ؛ فهو يعرف أني أعرف أنه مخطئ في حقها وربما لم يتخيل أنه لمجرد أنه استأذنها في استضافتي كشيخ على صلة به شخصياً أنني قد أميل إليه أو أقف إلى جواره على خطئه ،

أو أنها ستستحيي أن تذكر حقيقة وجيعتها ومر مصيبتها وشدة فجيعتها فلن تفضحه وقد حضر معه شيخ معرفة ..
ولذلك فلقد آثرت أن أبادرها بالسؤال أول الجلسة : تعرفين أن لي علاقة بزوجك ؟ قالت : نعم ..
تقبلين بحضوري ووجودي واطلاعي على ما بينكما من خلاف ؟

قالت : أجل ؛ لأني أظن أنك لن ترضى بالظلم لي لأني كأختك ...قلت : بل أنت أختي وهو أخي وأنا لا أعرف أياً منكما إلا من خلال ما أرى منكما وأسمع ، وما خفي عني فهو مجهول وغيب الله أعلم به ..ومضت الجلسة على النحو الذي لخصته سلفاً ..

ثم لما طال أمد الجلسة وأذن الفجر وانصرفت على وعد بلقاء ثانٍ لتكون قد أعادت تفكيرها في أمرها وهل تصر على عدم الرجوع إليه أم تراجع نفسها وتصبر على بلواها ..في حين يراها هو مذنبة مخطئة وهو الصبور عليها الرحيم بها رغم ما أذهلني مما حكت وشكت وأظهرت من بلاياه معها ...رغم أنها قد أكدت لي أنها تحبه وترى فيه صفات جميلة وتحفظ له مواقف جيدة لكن هناك فارقا بين المواقف العابرة والسمات السائدة

ولقد أكد لي صدقها في حكايتها تجارب مشابهة كنت قد شهدتها واستدعيت حكماً بينه وبين الشاكين فيها ، كما أنني نظرت إليه لأرى وجهه وانفعالاته وتعبيراته وهي تقص ما تقص وتحكي ما تحكي وتشكو مما تجد فلم أر أي إنكار ولا رفض بل الإقرار والتصديق والصمت الرهيب وعدم الاعتراض على أية كلمة ...!!

شدما أتعسني هذا الموقف وما أكثر تلك المواقف التي تجعل المرء يتصاغر أمام الناس وامام نفسه ومن قبل هذا كله أمام ربه سبحانه وتعالى ..!!!

إذا كان المرء يعلم خطاياه ويبصر خفاياه ويدرك بلاياه فإما أن يتوب إلى ربه ويرجع إلى مولاه وإما أن ستر على نفسه ولا يتحامق ..

أما أن يتظاهر بأنه التقي النقي الأبي الفتيّ حتى وهو مفضوح مكشوف من اقرب الناس إليه وأعلم الناس به ...!!

فاللهم استرنا ولا تفضحنا ...

ثم ما الذي يجعل المرء ساكتاً عن حرماته خانعاً لمشكلاته صابراً على بلياته ؟؟؟

ثم جاءني اتصال منها أفاضت فيه وأرهقت سمعي وقلبي بما زادته من بليات وجدتها منه ومن أبنائه من زوجة قبلها حتى أنها تخشى على نفسها وولدها الصبي ــ من زوج قبله ــ من ابنه وشكت إليه مراراً ولكنه لم يحرك ساكناً ..!!

ثم استحلفتني بالله لو أن هذه هي حال زوج أختي فماذا أنا فاعل ؟؟

الجواب لاشك فيه عندي ...

ثم تنحيت بقية اليوم منغص العيش مكدر الفكر مشغول البال بما بلغني منها عنه وهي عندي صادقة لسابق معرفتي به ..

كتبت هذه الكلمات ملخصاً ما دار خلال اللقاء والاتصال


11.10 ص الأربعاء 20-6-2012م


وَظُلْمُ الأحِبَّةِ جَهْلٌ وَغَيّْ



1.شَكَتْ مِنْهُ ظُلْماً وَقَهْراً إليّْ ‍
وَظُلْمُ الأحِبَّةِ جَهْلٌ وَغَيّْ

2.وَتَسْأَلُ : ما الحُكْمُ فِيْنَا وَهَلْ ؟ ‍
وَبِالأَمْسِ أَلْقَى يَـمِيناً عَلَيّْ

3.تُـحِبِّيْنَهُ ؟ : إِيْ وَرَبِّ الوَرَى ‍
وَيَضْرِبُنِي كُلَّمَا قُلْتُ : أَيّْ

4.كَذُوبٌ عَلَى سِنِّهِ يَفْتَرِي ‍
وَمَا غَارَ يَوْماً فَهَلْ ذَاكَ حَيّْ

5.لَهُ مِنْ سِوَايَ ابْنُهُ وَابْنَةٌ ‍
وَمِـمَّـنْ تَوَلَّـى صَغِيْرٌ لَدَيّْ

6.وَهَذَا ابْنُهُ يَبْتَغِي فِعْلَةً ‍
وَأُقْصِيهِ عَنِّـي وَيَصْبُو إِليّْ

7.وكَمْ قُلْتُ : صَهْ ، وَامْنَعَنَّ الوَلَدْ ‍
فَلَمْ يُصْغِ يَا وَيْـحَهُ مِنْ دَنيّْ

8.يَـخَافُ ابْنَهُ ؛ بِئْسَ مِنْ أُسْرَةٍ ‍
وَتِلْكَ ابْنَةُ الزَّوْجِ تَعْصِي الوَلِـيّْ

9.وَكَمْ مَرَّةٍ أَوْقَعَتْ بَيْنَنَا ‍
وَتَعْصِي أَبَاهَا ؛ فأينَ الْـحَيِيّْ ؟

10.تَبَرَّجُ وَالْعِطْرُ قَدْ فَاحَ مِنْ ‍
مَلابِسِهَا ،كَيْفَ يَرْضَى التَّقِيّْ ؟

11.يُسِيءُ مُعَامَلَتِي غَالِباً ‍
وَيَضْرِبُ بِالكَفِّ أَوْ أَيِّ شَيْ

12.ويَشْتِمُنِي وَسْطَ أَهْلِي وَلا ‍
يُرَاعِي الْمَـوَدَّةَ ، لَيْسَ الْـوَفِـيْ

13.وَلا اهْتَمَّ يَوْماً بِـحَالِ ابْنِنَا ‍
وَيَضْرِبُ طِفْلِيَ ضَرْبَ الغَبِـيّْ

14.وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ هَذَا فَلا ‍
رَضِيْتُ وَلَوْ كَانَ أَغْنَى غَنِـيّْ

15.حَشِيْشَتُهُ أُنْسُهُ دَائِماً ‍
وَيلْبَسُ للنَّاسِ ثَوْبَ الْوَلِـيّْ

16.وكَمَ ْأَهْمَلَ الْبَيْتَ لَـمْ يَرْعَهُ ‍
وَلا أَظْهَرَ الْـخَـوْفَ يَوْماً عَلَيّْ

17.وكَمْ قَالَ لِـي أَهْلُهُ فَارِقِي ‍
وَأَهْلِي فَأَخْشَى ضَيَاعَ الصَّبِيّْ

18.وكَمْ حَاوَلَ الزَّوجُ إِسْقَاطَهُ ‍
وَأَرْفُضُ قَتْلاً إذ الْـحَمْلُ حَيّْ

19.وَيَـحْرِمُنِي الْـحَمْلَ مِنْ بَعْدِهِ ‍
وَحُلْمُ الأُمُومَةِ باقٍ لَدَيّْ

20.وكَمْ مَرَّةٍ جَاءَ أَهْلُ التُّقَى ‍
لِيَنْصَلِحَ الحَالُ فِيهِ وَفِـيّْ

21.وَلَكِنَّهُ لا يَرَى عَيْبَهُ ‍
وَيَزْعُمُ : إِنِّـي الْـحَبِيبُ الْوَفِـيّْ

22.وَأَسْكُتُ عَنْهَا إذا خَالَفَتْ ‍
وَأَحْلُمُ رَغْمَ السُّلُوكِ الغَبِـيّْ

23.وَتَطْلُبُ مَا تَشْتَهِي يَأْتِـها ‍
وَلَـمْ تَرْضَ عَنِّـي وَإِنِّـي الرَّضِيّْ

24.وَإِنِّـي الشَّفُوقُ الرَّقِيقُ الْـخَلُو ‍
قُ وَإِنِّـي الْعَطُوفُ العَفِيفُ النَّقِـيّْ

25.وكَمْ فِـيَّ مِنْ زَلَّةٍ وَابْتِلا ‍
وَلَكِنَّنِـي الْمُسْتَقِيمُ الأَبِـيّْ

26.فَإِنْ قُلْتُ : طَلِّقْ أَهَذَا حَرَامٌ ؟ ‍
وَيَغْضَبُ رَبُّ الْعِبَادِ العَلِيّْ ؟

27.فَقُلْتُ : اصْبِري وَاعْمَلِي صَالِـحاً ‍
لِيُصْلِحَهُ اللهُ نِعْمَ الْوَلِـيّْ


28.أَتَرْضَى لأُخْتِكَ زَوْجاً كَذَا ؟ ‍
فَلا ثُمَّ لا ، ذَاكَ أَمْرٌ جَلِيّْ

29. أَلا يَا أَخَا الدِّيْنِ فَاسْمَعْ إِذاً ‍
لَقَدْ خَابَ عَبْدُ الْـهَوَانِ الشَّقِيّْ

30.إذَا الْمَرْءُ لَـمْ يَرْعَهَا ـ أَهْلَهُ ـ ‍
وَلـَمْ يَـحْفَظِ الزَّوْجَ فَهْوَ الْعَيِيّْ

31.وإِكْرَامُهُ الأهْلَ فَضْلٌ لَهُ ‍
وَعَطْفٌ وَرِفْقٌ وكَفٌّ نَدِيّْ

32.وَإِنْ خَالَفَتْ فَاتَّـخِذْ وَاعِظاً ‍
وكُنْ أَنْتَ مَعْهَا الصَّبُورَ الذَّكِيّْ

33.فَحَزْمٌ إذَا الْـحَـزْمُ فِـي وَقْتِهِ ‍
وهَجْرٌ وَهَذا الدَواءُ الْـخَـفِـيّْ

34.وإِنْ أَعْرَضَتْ فَابْعَثَنْ حَاكِماً ‍
وَمِنْ أَهْلِهَا ـ يَكْتُمَانِ الْـخَبِـيّْ

35.وإلا فَفَارِقْ وَلا تَظْلِمَنْ ‍
سَيُغْنِيكُمَا اللهُ فَهْوَ الغَنيّْ


***



ابن الأزهر ومحبه
الشيخ
أبو أسماء الأزهري
كارم السيد حامد السروي
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية

: 26-06-2012
طباعة