بنر التطوير

بنر الاعلان عن الاشراف

مركز السمنودي العالمي لتحفيظ القرآن الكريم والاجازة

المحاضرة الخامسة والسبعون يوم السبت 13 رمضان 1445 الموافق23مارس 2024 مع اهمية التقوي وصفات المتقين => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? صلاة العشاء والتراويح يوم السبت 13رمضان 1445 هجرية الموافق 23مارس2024من وينزور بكندا للدكتور عمر بن عبد العزيز القرشي => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? المحاضرة السادسة والسبعون يوم الاحد 14 رمضان 1445 الموافق24مارس 2024 مع التقوي ثمرة الصيام ومعني التقوي => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? المحاضرة السابعة والسبعون يوم الاثنين 15 رمضان 1445 الموافق25مارس 2024 مواصلة الحديث عن التقوي ومعني التقوي في القران الكريم => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? صلاة العشاء والتراويح يوم الاثنين 15رمضان 1445 هجرية الموافق 25مارس2024من وينزور بكندا للدكتور عمر بن عبد العزيز القرشي => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? المحاضرة الثامنة والسبعون يوم الثلاثاء 16 رمضان 1445 الموافق 26مارس 2024 مع مواصلة الحديث عن التقوي ومعني التقوي في القران الكريم => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? المحاضرة التاسعة والسبعون يوم الاربعاء 17 رمضان 1445 الموافق 27مارس 2024 مواصلة الحديث عن التقوي ومعني التقوي في القران الكريم => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? المحاضرة الثمانون يوم الخميس 18رمضان 1445 الموافق 28مارس 2024 الحديث عن ثالث آية من ايات الصيام => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? صلاة العشاء والتراويح يوم الخميس 18رمضان 1445 هجرية الموافق 28مارس2024من وينزور بكندا للدكتور عمر بن عبد العزيز القرشي => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? المحاضرة الحادية والثمانون يوم الجمعة 19رمضان 1445 الموافق 29مارس 2024 مواصلة الحديث عن ثالث آية من آيات الصيام => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ?

صفحة جديدة 2

القائمـــــة الرئيسيـــــــــة

ترجمة معاني القرآن بأكثر من 50 لغة عالمية
صفحة جديدة 2

اشتراك ومتابعة الدورات

صفحة جديدة 2

قاعات البث المباشر

صفحة جديدة 2

جديد لوحة الشرف للطلاب

صفحة جديدة 2 صفحة جديدة 2

خدمــــــات

صفحة جديدة 2

عدد الزوار

انت الزائر :751942
[يتصفح الموقع حالياً [
الاعضاء :0 الزوار :
تفاصيل المتواجدون
صفحة جديدة 2

احصائيات الزوار

الاحصائيات
لهذا اليوم : 16225
بالامس : 30006
لهذا الأسبوع : 195915
لهذا الشهر : 1013612
لهذه السنة : 2620167
منذ البدء : 89167605
تاريخ بدء الإحصائيات : 6-5-2011

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

 

Check Google Page Rank

 

تفسير سورة الغاشية

المقال

تفسير سورة الغاشية
5598 زائر
01-02-2010



تفسير سورة الغاشية

هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ


هذه سورة الغاشية أورد الحافظ ابن كثير في مستهلها: أن جارية كانت تقرأ هذه الآية، واستمع إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولما قرأت: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ قال: قد جاءني من ربي ولكن هذا حديث ضعيف قد تقدم أن قوله -جل وعلا- مثل هذه الآية: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ وغيرها، إن كان الله -جل وعلا-… أو تحتمل هذه الآية أن يكون معناها: قد جاءك، أو قد أتاك، وهذا عليه جمع من المفسرين، وأهل اللغة، وهذا يصلح فيما ثبت.

الله -جل وعلا- أنزله على نبيه -صلى الله عليه وسلم- وأنزل خبره قبل ذلك، وأما ما لم يثبت، فهذه الآية تحتمل أن يكون قد جاء، ويحتمل أن يكون معناها استفهام، المقصود به لفت الانتباه إلى هذه الآيات.

قوله -جل وعلا-: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ أي: هل أتاك خبر الغاشية؟ والغاشية اسم من أسماء يوم القيامة، لأن يوم القيامة -لعظمة وشدة هوله- سماه الله -جل وعلا- بأسماء، وقد تقدم أن الشيء إذا كان معظما، فإنها تكثر أسماؤه؛ ولهذا الله -جل وعلا- لما كان جليلا معظما كانت له أسماء لا يحصيها العباد كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته لأحد من خلقك إلى أن قال: أو استأثرت به في علم الغيب عندك فهناك أسماء لله -جل وعلا- لم يطلع عليها أحدا من خلقه، بل استأثر بعلمها، وفي الحديث: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إن لله تسعة وتسعين اسما، من أحصاها دخل الجنة .

فالعبد يتأمل كتاب الله -جل وعلا- وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- يستطيع أن يحصي من أسماء الله -جل وعلا- تسعة وتسعين اسما، وما هذه الأسماء إلا دليلا على عظمة المسمى بها، وهو الله -جل وعلا-، ونبينا -صلى الله عليه وسلم- أيضا لما كان معظم كانت له أسماء كثيرة.

فالشيء المعظم كلما عظم كثرت أسماؤه، ويوم القيامة يوم عظيم؛ ولهذا كثرت أسماؤه، ثم قال -جل وعلا-: مبينا انقسام الناس يوم القيامة إلى فريقين: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ أي وجوه يوم القيامة ذليلة خاسرة، ترهقها قطرة، وعليها ذلة، وهي وجوه الكفار كما قال -تعالى-: وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ فوجوههم يوم القيامة ذليلة؛ لأن الله -جل وعلا- أذلهم بكفرهم.

عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ أي: أن أصحاب هذه الوجوه يوم القيامة يعذبهم الله -جل وعلا- في نار جهنم بالعمل الشاق، ويتعبون في ذلك اليوم تعبا عظيما، كما قال -جل وعلا- سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا وقال -جل وعلا-: وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا ذكر بعض العلماء أن "صعودا" هذا اسم لجبل في النار يكلف الكافر يوم القيامة أن يصعده، وما يستطيع صعوده، والشاهد أنه الذي دلت عليه آية المدثر وآية الجن، أنه يوم القيامة يكلف بالأعمال الشاقة.

وهذه الآيات قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ الصحيح أنها تكون يوم القيامة، وما جاء عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في قصة الراهب الذي ناداه عمر من صومعته، فأشرف على عمر، فبكى عمر -رضي الله عنه- وتلا هذه الآية: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ على معنى أنها تعمل في الدنيا، وتخسر في الآخرة، هذا وإن كان معناه صحيحا، لكنه ليس مرادا بهذه الآية.

والأثر هذا الذي عن عمر -رضي الله عنه- لا يصح عنه، ولا يثبت.

فالصواب أن قوله -جل وعلا-: عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ يعني: يوم القيامة، الكافر في الدنيا يعمل، وليس له عند -جل وعلا- نصيب في الآخرة كما دلت عليه النصوص الأخرى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا في قوله -جل وعلا-: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا هذا صحيح، ولكن هذا ليس هو المراد بهذه الآية؛ لأن قوله -جل وعلا-: عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ أورده الله -جل وعلا- بعد ذكره لقيام الساعة وانقسام الناس إلى فريقين: فريق في الجنة، وفريق في السعير؛ لأن قوله -جل وعلا-: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ ليس المراد بها في الدنيا، وإنما المراد بها في الآخرة قطعا، فاقتران هذين يدل على أن المراد به في الآخرة.

ثم إن الله -جل وعلا- في آيات أخرى بين هذا الانقسام في قوله -جل وعلا-: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ وفي قوله -جل وعلا-: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ وكل ذلك في الآخرة.

فدل على أن المراد بقوله -جل وعلا-: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ إنما هو في الآخرة، وقوله -جل وعلا-: تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً أي: تصلى نارا صفتها، أنها حامية، ولشدة حرارتها تكاد تتقطع كما قال الله -جل وعلا-: تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ فهي تغيظ، النار يوم القيامة يشتد غيظها، ويزداد سعيرها حتى تكاد أن تتقطع، ثم قال -جل وعلا-: تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ أي أن الكافر يوم القيامة يسقى من عين آنية، قد بلغت الغاية في شدة الحرارة.

وهذا الماء الذي يسقونه يوم القيامة بين الله -جل وعلا- في آيات أخرى، أنه من صديد كما قال - تعالى-: وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ .

وبين في آيات أخرى: أنه يقطع أمعاءهم وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ وبين -جل وعلا- في آيات أخرى أنه يشوي وجوههم، كما في آية الكهف يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا .

ثم قال -جل وعلا-: لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ الضريع: هو نوع من أنواع النباتات كان معروفا في الحجاز، ويسمى الشبرِق، هذا الشبرِق إذا يبس يسمى ضريعا، فلا تنتفع به الدواب بعد ذلك، ولا ينتفع به، وهكذا أعد الله -عز وجل- للكفار يوم القيامة، أعد الله -جل وعلا- طعاما لا ينتفعون به، كما قال -تعالى- بعد ذلك لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ لأن الطعام يؤكل من أجل أن يتقوى به الإنسان في جسده، ويؤكل من أجل سد الجوع، وأما هذا الطعام يوم القيامة، فإنه لا يسمن ولا يغني من جوع، فهو زيادة في عذابهم.

ثم قال -جل وعلا-: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ وهذه وجوه المؤمنين يوم القيامة ناعمة، هي معنى قوله -جل وعلا-: تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ لما كان المؤمنون ينعمون في الآخرة، فإن هذا النعيم يظهر أثره على وجوههم، والكفار لما كانوا يعذبون في النار، وكان هذا الأثر يظهر على وجوههم عبر الله -جل وعلا- بالوجوه.

ثم قال -جل وعلا-: لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ يعني: أن هذه الوجوه لعملها الذي عملته في الدنيا راضية؛ لأن الله -جل وعلا- جازها عليه أحسن الجزاء.

ثم قال -جل وعلا-: فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ يعني: في جنة عالية في مكانها، وفي صفاتها، وما أعد الله -جل وعلا- لأهلها فيها من النعيم المقيم لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً يعني: أن المؤمنين الذين في الجنة، لا يسمعون كلمة لاغية، واللغو في الكلام هو الكلام الذي لا فائدة منه، بل لا يسمعون إلا كلاما حقا له فائدة.

وقد تقدم بيان ذلك عند قوله -جل وعلا-: لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا ثم قال -جل وعلا- فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ المراد بالعين هنا: الجنس فيشمل العيون الكثيرة؛ لأن الله -جل وعلا-: قال إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ فالعيون يوم القيامة كثيرة، وقوله -جل وعلا-: فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ أراد الله -جل وعلا- بها الجنس، فيعم جميع العيون التي أعدها الله -جل وعلا- في الجنة، وقد بين الله -جل وعلا- بعض هذه العيون، كما قال -تعالى-: إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا أي: أنهم يشربون الخمر ممزوجة بالكافور.

وهذا الكافور جعله الله -جل وعلا- عينا يقوده المؤمنون حيث شاءوا، فيميل معهم حيث مالوا يعني: أن هذه العيون تتبع المؤمنين، وهو معنى قوله -جل وعلا-: يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا وقال -جل وعلا- في الآية الأخرى: وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا وهذا نوع آخر يسقي الله فيها المؤمنين الخمر في الجنة، ممزوجة بالزنجبيل، وهذا الزنجبيل من عين في الجنة تسمى سلسبيلا.

ثم قال -جل وعلا-: فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ السرر: جمع سرير، والمعنى أن هذه السرر مرفوعة، وهم متكئون على هذه السرر، كما قال الله -جل وعلا-: عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ فقوله -جل وعلا-: مَوْضُونَةٍ قال بعض العلماء: أي أن الله -جل وعلا- شبك… جعل هذه السرر مشبكة بعضها ببعض، وهذا التشبيك من ذهب، ثم إن الله -جل وعلا- يجعل أهلها متكئين عليها متقابلين، لا يعطي أحد منهم قفاه للآخر، وذلك من فضل الله -جل وعلا- عليهم.

ثم قال -جل وعلا-: وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ الأكواب: جمع كوب، وهو عبارة عن الكأس الذي ليس له عروة، الذي له عروة… الإناء الذي له عروة يسمى قدحا، والقدح الذي ليس له عروة يسمى كوبا، وقوله -جل وعلا-: مَوْضُوعَةٌ يعني: أن الله -جل وعلا- يسر هؤلاء الخدم الذين يخدمون المؤمنين في الجنة، فيضعونها بين أيديهم يشربون منها متى ما اشتهوا لذلك.

ثم قال -جل وعلا-: وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ النمارق: جمع نمرقة، وهي الوسادة، فذكر الله -جل وعلا- أن هذه النمارق في الجنة تكون مصفوفة.

وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ والزرابي: هي البسط، يعني: أن الله -جل وعلا- بث في هذه الجنة بسطا كثيرة متفرقة في أنحائها، يتنعم بها عباد الله المؤمنون.

ثم قال -جل وعلا-: أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ لما ذكر الله -جل وعلا- قيام الساعة وما أعده للمؤمنين، وما أعده للكافرين لفت الله -جل وعلا- انتباه الكفار، واستفهمهم من أجل أن يلتفتوا إلى هذه الآيات التي جعلها الله -جل وعلا- في كونه؛ ليوحدوا الله -جل وعلا- ويوقنوا بلقائه وبالبعث والنشور.

قال -جل وعلا-: أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ والمراد بالنظر هنا ليس نظر الأعين؛ لأن الناس ينظرون، كل مبصر فإنه ينظر، بل ربما يكون الكافر -أحيانا- أقوى في بصره من المؤمن، ولكن الله -جل وعلا- يريد بذلك نظر البصيرة؛ لأن النظر قسمان: نظر بالعين، ونظر بالبصيرة، فنظر العين هذا ليس هو المراد بهذه الآية، وإنما المراد بهذه الآية أن ينظر العبد إلى المخلوقات نظرا يورثه الهداية، وهذا نظر البصيرة، وهو الذي أرشد الله -جل وعلا- العباد إليه، وأمرهم به، ونبه عليه في مواضع كثيرة، وجعله آية من آياته كما قال -جل وعلا-: أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وقال -جل وعلا-: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ وقال -جل وعلا-: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ وقال -جل وعلا-: قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ .

فهذه الآيات التي جعلها الله -جل وعلا- ينتفع بها المؤمنون، وينظرون بها، ويستدلون بها على وحدانية الله وقدرته، وعلى بعث الخلائق إليه.

قال -جل وعلا-: أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ والإبل خلق من مخلوقات الله وبهيمة من بهائم الأنعام، وفيها من عجائب صنع الله وقدرته، شيء عظيم لو تأمله العبد، وأبصر به لعلم أن هذه الإبل لا تمشي في هذا الكون إلا بإذن الله -جل وعلا- وأن هذا الخلق من لدنه -جل وعلا- وهذه الإبل مع كبرها وقوتها إلا أن الله -جل وعلا- سخرها لبني آدم يمسكها الطفل الصغير، فتنقاد معه، ثم إن الله -جل وعلا- جعل فيها منافع عظيمة للعباد كثيرة، كما نبه -جل وعلا- على ذلك في مواضع كثيرة، ومن أعظمها أن الله -جل وعلا- جعلها لعباده تحمل أثقالهم في أسفارهم، كما قال -تعالى-: وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ؛ ولهذا كان العرب، أو بعض العرب في الجاهلية يسمي الإبل سفينة البر، كما أن السفينة المعتادة سفينة البحر، ولله -جل وعلا- فيما خلق آيات.

ثم قال -جل وعلا-: وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ أفلا ينظرون إلى السماء كيف رفعت؟! وهذه السماء رفعها -جل وعلا- بغير عمد نراها، كما قال -تعالى-: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا فهذه آية وعبرة، والله -سبحانه وتعالى- هو الذي يمسكها، كما قال -تعالى -: وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ .

ثم قال -جل وعلا-: وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ أي إلى هذه الجبال كيف نصبها الله -جل وعلا- وجعلها ساكنة في نفسها، مسكنة لهذه الأرض، أوتادا لها، كما مر بيانه فيما سبق.

ثم قال -جل وعلا-: وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ أي ألا ينظر العباد إلى هذه الأرض كيف سطحها -جل وعلا- لينتفع بها العباد؟ وهذه السطحية للأرض لا تنافي أن تكون الأرض بيضاوية الشكل، أو أن تكون الأرض كرية الشكل؛ لأن كرية الأرض مما أجمع عليه العلماء قديما وحديثا، وأجمع عليه علماء المسلمين سابقا، ولكن الجِرم إذا كان كبيرا، فإنه يكون له سطح، فالإنسان… كلما صغرت الكرة كلما صغر سطحها، وكلما عظمت هذه الكرة، كلما توسع سطحها، وهذه الأرض هي كرية الشكل، أو بيضاوية الشكل، ولكنها لعظمها وكبرها صار ما عليها سطحا كسطح البيت، يسكن عليه العباد، وينتفعون به، وهذا آية عظيمة من آيات الله، جل وعلا.

ثم قال -جل وعلا-: فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ هذا أمر من الله -جل وعلا- لنبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يذكر العباد، ثم بين -جل وعلا- وظيفته، وأنه - صلى الله عليه وسلم- مذكر، وليس بمسلط على العباد يكرههم، ويجبرهم على الإسلام، وهذا كان في بادئ الأمر، ثم نسخه الله -جل وعلا- بآيات السيف التي فيها الأمر بقتال المشركين.

وهذا عند طائفة من العلماء، وبعض العلماء يقول -وهو الأظهر-: إن قوله -جل وعلا-: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ أي إنك يا محمد وظيفتك أن تبلغ الناس ما نزل عليهم من عند ربهم، أما هداية القلوب، فلست بمسلط عليها، وليست هداية القلوب بيدك كما قال -جل وعلا-: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وقال -جل وعلا-: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا .

ثم قال -جل وعلا-: إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ هذا استثناء منقطع، "إلا" فيه بمعنى لكن، أي: لكن من تولى وكفر، تولى وأعرض عما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- وكفر به، فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ والعذاب الأكبر هو عذاب النار يوم القيامة كما تقدم قبل قليل لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى سيصلى النار الكبرى.

ثم قال -جل وعلا-: إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ يعني: أن مرجع العباد ومردهم إليه -جل وعلا- وهو الذي يحسابهم، فمن عمل خيرا فلنفسه، ومن أساء فعليها، وفي هذا تخويف ووعيد للكافرين؛ لأن الله -جل وعلا- يتهددهم، ويخوفهم بمصيرهم إليه، وهذه الآية كما قال -جل وعلا-: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ .

والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

   طباعة 
0 صوت
الوصلات الاضافية
عنوان الوصلة استماع او مشاهدة تحميل

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة تعليق »

إضافة تعليق
اسمك

/99999999999999999999999999999999999999999999000000
تعليقك
6 + 2 =
أدخل الناتج

جديد المقالات

الصفات المميزة لأهل السُنة والجماعة - فضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب حفظه الله
تميزوا! - فضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب حفظه الله
الدرس الحادي عشر - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس العاشر - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس التاسع - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس الثامن - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس السابع - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس السادس - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس الخامس - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس الرابع - مقدمة في علم تحرير القراءات

إغلاق